عسكرة الجزر اليمنية… ورقة بحثية تكشف سباق نفوذ إقليمي ودولي في البحر الأحمر

مدير التحرير15 ديسمبر 2025
عسكرة الجزر اليمنية… ورقة بحثية تكشف سباق نفوذ إقليمي ودولي في البحر الأحمر

كشفت ورقة بحثية صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية عن أبعاد وصفتها بالخطيرة لعمليات إنشاء مطارات ومهابط وقواعد عسكرية في عدد من الجزر والمدن الساحلية اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، معتبرة أن هذه التحركات تتجاوز إطار المواجهة مع جماعة الحوثي لتدخل في سياق صراعات نفوذ جيوسياسي معقّد داخل البحر الأحمر ومحيطه الإقليمي.

وأوضحت الدراسة أن منشآت من بينها مطار المخا ومهابط في جزر ميّون وزقر وعبد الكوري تخدم، وفق تحليلها، مصالح مشتركة للإمارات وتشكيلات مسلحة موالية لها، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية، مشيرة إلى أن هذه البنية العسكرية لا تقتصر على دعم العمليات القتالية، بل تمثل أداة لتعزيز الحضور الإماراتي على خطوط الملاحة البحرية وتأمين مصالح استراتيجية مرتبطة بالنقل البحري والسيطرة على الممرات التجارية الدولية.

وبحسب الورقة، فإن تسارع وتيرة العسكرة في هذه المواقع الحساسة يأتي في ظل بيئة إقليمية مضطربة تشهد تصاعداً في أعمال العنف في البحر الأحمر وخليج عدن، على خلفية هجمات الحوثيين المدعومين من إيران، إلى جانب تنامي نشاط تحالفات عسكرية غربية وإسرائيلية في المنطقة، ما يضاعف من حدة التوترات ويزيد من تعقيد المشهد الأمني.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه التطورات أثارت قلقاً متزايداً لدى عدد من دول الإقليم، خشية أن يؤدي وجود قواعد أجنبية في مناطق شديدة الحساسية إلى الإخلال بتوازنات الأمن الإقليمي. ولفتت في هذا السياق إلى تصريحات للرئيس الإريتري أسياس أفورقي خلال زيارته إلى القاهرة في نوفمبر 2025، حذّر فيها من أن عسكرة البحر الأحمر من قبل قوى أجنبية تمثل مدخلاً للفوضى، معتبراً أن إقامة قواعد عسكرية في الجزر اليمنية تعكس مساعي لفرض مواقع هيمنة خارجية.

وربط أفورقي، وفق ما نقلته الورقة، بين ما يجري في جزر سقطرى وميّون وزقر وبين محاولات تقسيم الصومال، مؤكداً أن الأجندات الخارجية التي تستهدف القرن الأفريقي واليمن تتقاطع في أهدافها، وهو ما يفسر، بحسب الدراسة، حساسية الموقف الإريتري نظراً لقرب هذه الجزر من السواحل الإريترية. وفي حين لم يصدر موقف مصري معلن، رجّحت الورقة أن تعكس تصريحات أفورقي من القاهرة قلقاً غير معلن لدى مصر، خاصة في ظل التأثير المباشر لأي توتر في البحر الأحمر على حركة الملاحة الدولية وقناة السويس.

وحذّرت الدراسة من احتمالات توظيف هذه المنشآت العسكرية لخدمة صراعات إقليمية أوسع، بما في ذلك استخدامها، وفق تقديرها، في إطار استمرار الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع في السودان، الأمر الذي قد يجعلها مراكز لوجستية محتملة لنقل السلاح أو المرتزقة أو إدارة عمليات عسكرية. كما لم تستبعد الورقة أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام هذه المواقع في تنفيذ عمليات ضد جماعات مسلحة معادية لها، أو أن تسعى إسرائيل إلى استثمارها لتعزيز حضورها في جنوب البحر الأحمر ومواجهة تهديدات مرتبطة بإيران.

واعتبرت الدراسة أن هذا السيناريو يتقاطع مع مواقف سابقة معلنة لقيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي بشأن الاستعداد للتطبيع مع إسرائيل في حال انفصال الجنوب، إضافة إلى السماح في يوليو 2025 لصحفي بريطاني من أصل إسرائيلي بدخول مناطق وُصفت بالحساسة في عدن والضالع وشبوة.

وخلصت الورقة إلى أن الاستحداثات العسكرية في الجزر اليمنية والساحل الغربي تمثل جزءاً من سباق نفوذ إقليمي ودولي متصاعد، محذّرة من أن تداعيات هذا المسار قد تدفع جماعة الحوثي إلى تنفيذ ضربات محدودة في محاولة لاحتواء هذا التمدد. كما أكدت أن إريتريا تتصدر قائمة الدول الأكثر قلقاً من هذه التطورات، إذ ترى في وجود قواعد أجنبية بالقرب من سواحلها تهديداً مباشراً لاستقرار البحر الأحمر، مشددة على أن تحقيق الأمن الإقليمي يظل مرهوناً بتعاون الدول المشاطئة ودعم دولي يحافظ على توازن المنطقة.

الاخبار العاجلة
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق